بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل في محكم كتابه الكريم (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [(45) سورة العنكبوت} والصلاة على نبيه الكريم وبعد :
إن الصلاة هي قرَّةُ عيونِ الموَحِّدين ، ولذَّةُ أرواح المحبين ، وبستان العابدين وثمرة الخاشعين .
فهيَ بستَانُ قلوبهم .. ولذَّةُ نفوسهم .. ورياضُ جوارحهم .
فيها يتقلبون في النعيم .. ويتقربون إلى الحليم الكريم ..
عبادة .. عظَّم الله أمرها .. وشرَّف أهلها .. وهي آخر ما أوصى به النبي عليه السلام .. وآخر ما يذهب من الإسلام .. وأول ما يسأل عنه العبد بين يدي الملك العلام ولن يتذوق عبد لذة هذه العبادة إلا بتحقيق الخشوع فيها , فالصلاة التي لا خشوع فيها كالجسد الذي لا روح فيه ,فهو روح الصلاة وحياتها، ونورها وضياؤها، و به تصعد إلى الملأ الأعلى، وتنهض في السماوات العلى. وهو أول ما أثنى به الله تعالى على عباده الذين نالوا الفلاح في الدنيا والآخرة في قوله { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ } المؤمنون : 1 – 2 .
وفي هذا البحث أتطرق إلى الأغراض التالية التي أعددت بها هذا البحث عن ( الخشوع في الصلاة ) وهي كالتالي:
1- المبحث الأول : تعريف الخشوع
ويتضمن تعريف الخشوع في لغة العرب وتعريفه في القرآن الكريم وتعريفه عند السلف الصالح .
2- المبحث الثاني أهمية الخشوع في الصلاة .
ويتضمن حكمه و ما الفرق بين العبادة التي يصاحبها الخشوع والتي لا يصاحبها ......
3- المبحث الثالث مسببات عدم الخشوع في الصلاة .
4- المبحث الرابع الأسباب الجالبة للخشوع في الصلاة .
5- المبحث الخامس قصص من أحوال السلف الصالح في الخشوع في الصلاة .
المبحث الأول : تعريف الخشوع
تعريف الخشوع في لغة العرب:
وهي معنى الخشوع:
فهو يدور في كلام العرب على معنى واحد تدور عليه جميع استعلامات هذه الكلمة، وهو التطامن [انظر: المقاييس في اللغة، كتاب الخاء، باب الخاء والشين وما يثلثهما] . ولذلك نجد أن بعضهم يعبرون عنه بقولهم: ' الخاشع المستكين والراكع '. وبعضهم يقول: ' المتضرع'[ انظر: المفردات للراغب، 'مادة: خشع '] وبعضهم يقول: ' المختشع: هو الذي طأطأ رأسه وتواضع '، وبعضهم يقول كلاماً يقارب هذا، وهو يدور في لغة العرب على ما ذكرت .
تعريف الخشوع في القرآن الكريم :
تكرر الخشوع في كتاب الله عز وجل، وجاء في معان متعددة: منها الذل، وسكون الجوارح، والخوف، والتواضع، وهذه أربعة معان، ويمكن أن يضاف إليها معنى خامس: وهو الجمود واليبس:
فأما المعنى الأول: وهو مجيء الخشوع بمعنى الذل: فكما قال الله عز وجل:}وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا[108]{[سورة طه] أي: ذلت، ويقول الله تعالى:}لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا[21]{ [سورة الحشر] أي: ذليل، وقال:}وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ[2]{[سورة الغاشية].
وأما الخشوع بمعنى سكون الجوارح: فكما قال الله عز وجل:}الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[2]{[سورة المؤمنون] .
قال الحسن:' كان خشوعهم في قلوبهم، فغضوا بذلك أبصارهم، وخفضوا لذلك الجناح' .
تعريف الخشوع في الصلاة كما ذكره علماء الأمة:
معنى الخشوع في الاصطلاح: فعبارات العلماء فيه متقاربة[انظر: المدارج 1/ 521 – 524]:
فمن قائل هو: قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل.
ومن قائل هو: الانقياد للحق- والواقع أن الانقياد للحق هو من موجبات الخشوع-.
ومن قائل هو: تذلل القلوب لعلام الغيوب .
عضهم يقول: هو معنى يقوم في النفس، ويظهر عنه سكون الأطراف يلائم مقصود العبادة
وابن القيم رحمه الله يقول:
إن الخشوع معنى يلتئم من التعظيم والمحبة والذل والانكسار.
والحافظ بن حجر رحمه الله ينقل عن بعضهم تعريف الخشوع بأنه:
تارة يكون من فعل القلب كالخشية، وتارة من فعل البدن كالسكون – سكون الأعضاء والجوارح – وقد قيل: لابد من اعتبار الأمرين حتى يكون ذلك من قبيل الخشوع المعتبر.
وابن رجب له كلام جيد في بيان معناه يقول[الخشوع في الصلاة]:' أصله لين القلب ورقته، وخضوعه وانكساره وحرقته، فإذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء؛ لأنها تابعة له' كما قال صلى الله عليه وسلم{ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب}رواه البخاري ومسلم. وكان صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه في الصلاة: […خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي…] رواه مسلم أ.هـ . فهو يرى: أن خضوع الجوارح هو ثمرة لخضوع القلب ولينه. وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يرى أن الخشوع يتضمن معنيين: أولهما: التواضع والتذلل .
والثاني: السكون والطمأنينة، يقول:'وذلك مستلزم للين القلب ومنافي للقسوة، فخشوع القلب يتضمن عبوديته لله وطمأنينته أيضًا, ولهذا كان الخشوع في الصلاة يتضمن هذا وهذا: التواضع والسكون'[ مجموع الفتاوى 7/ 28 –30].
يخ الإسلام يرى أن لين القلب هو نتيجة وأثر ولازم من لوازم الخشوع، وأن الخشوع هو التواضع والتذلل والسكون والطمأنينة، ولهذا جاء عن علي رضي الله عنه:'الخشوع في القلب: أن تلين كنفك للرجل المسلم وألا تلتفت في الصلاة' وجاء عنه أن:' الخشوع في القلب' . وهكذا جاء عن إبراهيم النخعي أيضاً وطائفة من السلف، وكان ابن سيرين يقول:' كانوا يقولون في معنى الخشوع:'لا يجاوز بصره مصلاه' . وسئل الأوزاعي عن الخشوع، فقال:'غض البصر، وخفض الجناح، ولين القلب وهو الحزن والخوف' . وكان الأوزاعي رحمه الله- كما وُصف-: كأنه أعمى من الخشوع –يعني أن ذلك أثر أيضاً على بصره ونظره .
الشيخ د: صالح بن فوزان الفوزان :
أصل الخشوع :في الصلاة : لين القلب وسكونه ، وخضوعه ، فإذا خشع القلب تبعه خشوع الجوارح والأعضاء ، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم {ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب} متفق عليه .
المصدر ( موقع الإسلام العتيق )
http://islamancient.com/friday_stand,item,130.htmlالمستشار الدكتور : علي با دحدح :
والخشوع في الصلاة : هو حضور القلب بين يدي الله تعالى، مستحضراً لقربه، فيسكن لذلك قلبه، وتطمئن نفسه، وتسكن حركاته، ويقل التفاته، متأدباً بين يدي ربه، مستحضراً جميع ما يقوله ويفعله في صلاته، من أولها إلى آخرها، فتنتفي بذلك الوساوس والأفكار الرديئة، وهذا روح الصلاة، والمقصود منها، وهو الذي يكتب للعبد.
المصدر ( موقع اسلام ان لاين )
http://www.islamonline.net/servlet/S...FEmanA%2FEmanAالشيخ ناصر الأحمد خطبة بتاريخ 26/11/1420هـ:
الخشوع: حالة في القلب تنبع من أعماقه مهابةً لله، وتوقيراً له، وتواضعاً في النفس وتذللاً.
المصدر (خطبة بتاريخ 26/11/1420هـ
الخلاصة
أن الخشوع معنى ينتظم خضوع القلب وذله وانكساره وعبوديته، وسكونه وتواضعه، وطمأنينته مع التعظيم والمحبة والخشية لله تعالى، ويظهر أثره على الجوارح بسكونها والتواضع للخلق، فيكون القلب عامرًا بالسكون والطمأنينة، والتذلل والمحبة والتعظيم، مع خضوع الجوارح، وتواضع العبد، وسكون الجسم، وسكون الطرف والنظر .